من مدينة معدان بريف الرقة الشرقي انطلقت رحلة مقداد درويش، الشاب الذي حمل معه ذكريات الثورة السورية وتحدياتها، ليستقر به المقام في ألمانيا، حاملاً معه تجربة حياة غنية وخبرات متنوعة. مقداد من مواليد عام 1989، متزوج وأب لطفلين، ويحمل الجنسية الألمانية.
تلقى تعليمه حتى المرحلة الثانوية في معدان، ثم تخرج من المعهد التقاني للحاسوب في الرقة التابع لجامعة الفرات في دير الزور. بالتوازي، درس الأدب الإنكليزي في نفس الجامعة، لكنه لم يتمكن من إتمام دراسته بعد أن فُصل في نهاية عام 2013 بسبب مواقفه المؤيدة للثورة السورية.
في بدايات الثورة، انخرط مقداد في العمل الإعلامي، موثقاً الأحداث وناقلاً صوت الثوار. لم تكن مسيرته سهلة، ففي أواخر عام 2013، اعتُقل على يد تنظيم داعش الذي كان يسيطر على مناطق واسعة في سوريا آنذاك. وبعد تجربة مريرة، تمكن من الهروب إلى تركيا، في بداية رحلة نزوحه.
عام 2015، وصل مقداد إلى ألمانيا. لم يتوانَ عن مد يد العون، حيث تطوّع كمترجم لمدة عامين ونصف في الجمعيات الألمانية بمدينة إيسن، مساهماً في دعم ودمج اللاجئين الجدد. حاول لاحقاً استئناف دراسته في هندسة الكمبيوتر، إلا أن ظروفه المادية، خاصة بسبب نزوح عائلته في سوريا وحاجتهم للدعم، دفعته للاتجاه نحو سوق العمل.
شهدت مسيرته المهنية في ألمانيا تنقلاً ملحوظاً بين مجالات متعددة. عمل أولاً كمشرف محتوى في شركة وسيطة لـ”فيسبوك” بين عامي 2018 و2020، حيث اكتسب خبرة في المحتوى الرقمي وتحدياته. بعدها، انتقل إلى مجال مختلف تماماً، فالتحق بتدريب مهني متخصص في المعالجة الحرارية للمعادن وصيانة الأنابيب والخزانات في المنشآت الصناعية ومحطات الطاقة، وهو المجال الذي لا يزال يعمل فيه حتى اليوم، مما يعكس مرونته وقدرته على التكيف والتعلم.
بالإضافة إلى ذلك ، يدير مقداد شركة صغيرة في ألمانيا مع مجموعة من الشباب السوريين والألمان، تعمل في مجال الكابلات الضوئية.
إلى ذلك، ينشط مقداد منذ قرابة ثلاث سنوات في مجال العملات الرقمية (Crypto)، حيث يعمل كمطور ومتابع لهذا القطاع التقني المتسارع، ما يضيف إلى رصيده المهني بعداً جديداً يعكس اهتمامه بالتكنولوجيا الحديثة.
يتقن مقداد العربية، الألمانية، والإنكليزية، ولديه معرفة جيدة بالتركية، ما يعكس انفتاحه الثقافي وقدرته على التواصل في بيئات متعددة.
تجربة مقداد درويش، بما تحمله من تحديات وتحولات، تُعد مصدر إلهام للكثيرين.
...وبصفته أحد الأعضاء المؤسسين لتجمع أبناء الجزيرة – “تاج”، يسعى لتوظيف خبراته المتنوعة، سواء الأكاديمية أو الإعلامية أو المهنية، في خدمة أهله في الرقة والمساهمة في بناء مستقبل أفضل لمنطقته التي بقيت حاضرة في قلبه رغم سنوات الغربة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق